بعد دعوة برّي لانتخاب رئيس: أي مسار للجلسة وما مصير التشريع؟
كان يوم الثلاثاء حافلاً بالأحداث السياسية، بعد الزيارة اللافتة لرئيس التيّار الوطني الحر جبران باسيل إلى دار الفتوى، جاءت دعوة رئيس مجلس النواب إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس المقبل لتكسر الجدل حول تقاعس رئيس المجلس عن هذه المهمة.
الدعوة الدستورية الطبيعية في الشكل لن تحجب فرضية الفراغ ولا تعني حكماً أن الخميس سيكون للبنانيين رئيس جديد للجمهورية ما لم تحصل معجزة التوافق والاتفاق على شخصية محددة قبل تاريخ يوم انعقاد الجلسة النيابية.
وسط الانقسام الحاصل بين القوى السياسية ليس هناك من مرشح توافقي حتى اليوم. لكن وتيرة الحركة الدولية تجاه لبنان ترتفع دبلوماسياً، مؤكدةّ على ضرورة الالتزام بالاستحقاقات الدستورية والمهل المتصلة بها، ويتقدمها انتخاب رئيس للجمهورية.
وفي هذا الصدد، أفادت معلومات بأنّ “الكتل النيابية ستعقد اجتماعات في الساعات المقبلة، لتحديد الموقف من جلسة الخميس الرئاسية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري”.
في هذا الإطار، أشار النائب فراس حمدان، إلى أن “كلّ الكتل النيابية ليس لديها حتى الآن أيّ مرشّح جدّي لرئاسة الجمهورية، وسنطلق في اليومين المقبلين بياناً ككتلة تغيير بشأن مبادرتنا الرئاسية”، مؤكدًا أنه “لا توجد لدينا نية تعطيل أو مقاطعة إلّا في حال رأينا أنّ الأمور تتجه في مسار نعارضه”.
من جهته اعتبر النائب جهاد الصمد أن “رئيس مجلس النواب نبيه بري يحترم المُهل وهو يلتزم بالدستور، وأعتقد أن النصاب لن يكتمل في أول جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية لغياب التوافق”.
وتشكو مصادر نيابية أن “التحضيرات اللوجيستية لإنتخاب رئيس الجمهورية يوم الخميس غير متوافرة فبعض النواب خارج البلد، ولا يوجد أي كتلة نيابية قادرة الآن على إيصال مرشحها إلى سدّة الرئاسة.
إلّا أنّ الدعوة المفاجئة التي وجهها رئيس مجلس النواب إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الخميس المقبل، سبّبت بعض الأسئلة والتساؤلات القانونية بعد تحول المجلس إلى هيئة ناخبة، ما يعني عملياً قطع الطريق على أي تغيير حكومي، كون الحكومة، إذا تشكلت وفق التعديلات المطروحة فهي لن تنال ثقة المجلس الإلزامية.
حول تحوّل المجلس إلى هيئة ناخبة لا صلاحيات تشريعية لها، اعتبرها رئيس مؤسسة “جوستيسيا” JUSTICIA المحامي بول مرقص غير صحيحة، لأن المجلس النيابي يتحول إلى هيئة ناخبة فقط عند التئامه، أي عند انعقاد الدورة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية وفق حرفية نص المادة ٧٥ من الدستور، أما خارج الدورة المخصصة لانتخاب الرئيس، فإن للمجلس جميع السلطات والصلاحيات التشريعية التي يمارسها، بمجرد انتهاء دورة انتخاب الرئيس، واختتامها أصولاً.
وبحسب القانون للمجلس حق التشريع في الدورات اللاحقة انتخابياً، ذلك أن المادة 75 من الدستور حصرت الأعمال الانتخابية فقط في الدورة التي تكون مخصصة لذلك، وليس في أي دورات لاحقة غير انتخابية، ولو وقعت هذه الدورات خلال المهل التي يمكن للمجلس أن يدعى فيها إلى دورات انتخابية، فما دامت الدورة الانتخابية لم تعقد، يكون المجلس قادراً على التشريع.
وفي حال الفراغ في سدة الرئاسة، يستطيع المجلس التشريع دون أن تنفذ القوانين لأنها تحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية.
تبعاً للتجارب اللبنانية مع الاستحقاق الرئاسي، جلسة الخميس ستكون على الأرجح شكلية التزاماً بالمهل الدستورية الموجبة، وسيكون مصيرها الإرجاء أو تعطيل النصاب إلى حين قدوم اللحظة السحرية لتأمين التوافق السياسي الصعب حتى هذه اللحظة.
رانيا برو